نعمة الإنجاب من أجمل ما يمن به الله على عباده فهي زينة الحياة وبهجتها ومن دونها لا يمكن ضمان تواصل الإستخلاف في الأرض لإعمارها ونشر الحياة فيها ومن أرض الإشراق الدائم والحب الذي لا ينتهي أرض التَسامح والصمود فلسطين الجميلة تزهر قصَة رائعة تبعث الأمل في قلوب المتألمين، اليائسين والمحرومين من نعمة الإنجاب لتؤكَد لهم أنَه لا يأس مع الطب إذا ما رافقته المشيئة الإلهيَة.
إنتشرت في العصر الحالي تقنيات الإخصاب الإصطناعي بمختلف وسائلها وطرقها (طفل الأنبوب، التلقيح المجهري، ..) حيث نجحت في ولادة ملايين الأطفال الذين عاشوا وواصلوا حياتهم كغيرهم من الأطفال الذين ولدوا بطريقة طبيعيَة ورغم ارتفاع النسب والحالات التي تؤكَد نجاعة هذه التقنيات إلاَ أنَ ذلك لم يمنع من ظهور بعض التساؤلات حول صحَة أطفال الأنابيب وهي :
هل يمكن لرجل مولود بتقنية طفل الأنبوب أو الحقن المجهري إنجاب طفل طبيعي وخالي من المشاكل المرضيَة والعيوب؟
وتأتينا الإجابة من الأخوين الشراونة محمدَ طالب الشراونة وشقيقه يحي الشراونة حيث كانا أوَل مولودين عبر تقنية طفل الأنبوب في فلسطين وهي تقنية تندرج ضمن وسائل وطرق المساعدة على الإنجاب عندما يفقد الأمل في الحمل بطريقة طبيعيَة لأسباب مختلفة (مشاكل بالبويضات ، خلل بقناة فالوب، ضعف الحيوانات المنويَة …إلخ ) فقد أنجبا بشكل طبيعي طفلين جميلين ويتمتعان بصحَة جيَدة وخالية من العيوب والأمراض وهما طالب 7 أشهر ومحي الدَين 5 أشهر ليكونا أوَل وثاني مولودين في العالم من أبوين ولدا بدورهما عن طريق تقنية أطفال الأنابيب .
هذه التَجربة تثبت أنَ الفكرة الرَائجة حول سوء الوضع الصحَي وتضرر الخصوبة عند أطفال الأنابيب غير صحيحة وأنَه ليس كلَ مولود بواسطة هذه التَقنية سيحتاج إلى نفس التقنية ليتمكَن من الإنجاب وأنَهم لا يختلفون في خصائصهم الإخصابيَة عن غيرهم .
مع العلم أنَ والد الأخوين الشراونة الحاج طالب الشراونة خاض معركة طويلة دامت لثلاث سنوات من أجل تحقيق حلم الإنجاب وفي سنة 1997 تمكَن من إجراء عمليَة حقن مجهري أثمرت نتيجة فاقت الحسبان حيث رزق بثلاثة توائم وهم أنثى وذكران (محمد طالب ويحي ) وكان الحاج طالب متخوَفا من أن يعانيا من العقم ونفس المشاكل الإنجابيَة التي كانت عنده لذلك حرص على تزويجهما مبكَرا ليتمكَن من تدارك الوضع في حالة ظهور مشكلة العقم عندهما.
ولكنَ الله لم يخيَب آمال الحاج طالب فتمكَنا من إنجاب طفليهما دون أيَة مشاكل مرضيَة خلقيَة أو وراثيَة وتعتبر هذه الحالة نادرة وفريدة من نوعها بفلسطين وفي العالم العربي ، في حين سجَلت حالة مشابهة بالعالم الغربي وهي حالة “لويس براون ” وهي أوَل طفلة أنبوب في العالم ولدت سنة 1978 كبرت وتزوَجت وأنجبت بشكل طبيعي سنة 2006 .
هذه الحالات طمأنت عديد الأزواج الذين لم ييأسوا من الأمل في الحمل والإنجاب عبر الوسائل الإصطناعيَة بمختلف أنواعها حتَى وإن باءت المحاولة الأولى بالفشل خاصَة وأنَ أغلب الأشخاص الذين نجحوا في تحقيق هذا الحلم هم الذين صمدوا لسنوات طويلة ولم يريدوا الرجوع من هذا المشوار إلاَ وفي أحضانهم طفل جميل ينير لهم البيت الذي أغرقته رتابة الحياة وأظلمه الصَمت المؤلم.