ولأنَه تحمَل بما فيه الكفاية و وواجه العديد من الظروف والمواقف طيلة حياته ،اليوم هو رجل مسنَ ترتعش ملامحه بين طيَات التَجاعيد التي رسمها الزَمن على وجهه وفي زاوية أخرى من أروقة المصحَة تجلس بدورها إمرأة مسنَة بالكاد تقدر على مسك عصاها التي أصبحت صديقتها الوحيدة خاصَة بعد أن باتت أناملها ترتعش كإرتعاش الورق مع الهواء فهي اليوم تنتمي إلى عكازها أكثر من أي شيء آخر خاصَة بعد أن أصابها مرض يتحكَم بتعابير وجهها وحركاتها التي إكتسحها الجمود والسَكون ،هذا واقع يعيشه كبار السن وتحديدا مرضى شلل الرَعاش (Parkinson) وهو مرض عادة يصيب الكبار في السَن وقدعرف بتسمية باركنسون نسبة إلى الطبيب الإنجليزي جيمس باركنسون وهو عبارة عن حالة تنخفض فيها إنتاجيَة الدوبامين في جزء محدد من المخ فتحدث إضطرابات عضليَة مختلفة فيصاب المريض بالرَعشة باليدين، وتصلَب بالعضلات في أماكن تختلف من حالة إلى أخرى ولكن وفي أغلب الأحوال تظهر نفس الأعراض عند مرضى شلل الرَعاش “باركنسون “وهذا ما يدعونا إلى التساؤل عن أهمَ الأعراض المصاحبة لهذا المرض؟ والطَرق العلاجيَة المعتمدة لعلاجه أو التقليل من أعراضه وتشنَجاته؟
حسب مقالات نشرتها المجلَة الطبيَة “جو هارت” وإستنادا إلى معلومات صادرة عن الدكتور سمير فرح طبيب وإستشاري في أمراض الَدماغ والأعصاب أنَ مرض الباركنسون يستهدف بالأساس المسنَين فعادة تظهر أعراضه بين سن ال40 وال60 سنة وكلَما تقدَم المريض في السَن زادت أعراض هذا المرض حدَة.
ووفق نفس المصدر فإنَ هذا المرض يظهر عند حصول خلل أو تلف بجزء معيَن بالنَواة القاعديَة في الدَماغ يطلق عليها أطبَاء الأمراض العصبيَة والدَماغ تسمية المادَة السَوداء وهي المسؤولة عن إنتاج مادَة الدوبامين(Dopamine) كما سبق وذكرنا .
وعلميَا تعمل الدوبامين على ضمان التَوازن الحركي في جسم الإنسان ورغم تفطَن الطبَ الحديث إلى بعض الأسباب والعوامل التي يمكن أن تكون وراء تلف هذه المادَة إلاَ أنَه لم يقع تحديد أي سبب مباشر لحدوث هذا الخلل ولكن دراسات كثيرة أشارت إلى أنَ العوامل الوراثيَة (التغييرات الجينيّة،) والعوامل البيئيَة (السّموم البيئيّة) يمكن أن يكون لها دخل أيضا في الإصابة بمرض شلل الرَعاش “باركنسون” إضافة إلى أمراض وإضطرابات معيَنة يمكن أن تصيب الدَماغ.
أعراض مرض شلل الرَعاش باركنسون
كثيرون يجهلون أنَ مرض شلل الرَعاش يظهر بشكل تدريجي أي لا يظهر مرَة واحدة إنَما لذلك فإنَ الأعراض تختلف حسب مجموعو من العوامل أهمَها الوضع الصحَي لمريض الرَعاش، السن، مستوى نموَ هذا المرض (تطوَره وتمكَنه من الجسم )ففي البداية يؤكَد أطباء الإختصاص أنَ الأعراض قد تكون خفيفة وغير ملاحظة بشكل كبير كحدوث رجفةٍ صغيرة في إحدى اليدين نادرا ما يقع التَفطن إليها ثمَ تتوالى الرَجفات وتشتدَ وهي من الأعراض الأساسيَة والمميّزة لمرض باركنسون الذي يتسبب في إبطاء وتجميد الحركة في الجسم.
كما يمكن للجمود العضلي الذي يسببَه هذا المرض أن يمتدَ إلى الوجه أيضا فيصبح المريض عاجزا عن تحريك ملامح وجهه (عجز واضح عن التَعبير ) .
*بطء في الحركة حيث يعجز عن تحريك الذراعين خاصَة عند المشي.
*صعوبة في الكلام كالإٌرتخاء ،الكلام المتقَطَع الشبيه بالتمتمة
*فقدان التَوازن الجسمي
*التيبَس العضلي
*مشاكل في الذَاكرة خاصَة عند التقدَم في السنَ حيث يبدأ بفقدان صفاءه الذَهني بشكل تدريجي وقد يصل به الوضع إلى الإصابة بداء الزَهايمر أيضا.
طرق علاج مرض شلل الرَعاش باركنسون
من جهته يؤكَد الدَكتور سمير فرح المختصَ في أمراض الدَماغ والأعصاب أنَ الشَفاء التَام من مرض شلل الرَعاش ليس سهلا خاصَة عند التَفطَن إليه في مراحل متقدَمة ولكنَ هناك مجموعة من العلاجات التي تعمل على التَخفيف من حدَة أعراض هذا المرض وتقليل تأثيره على المريض .
بعد الإطَلاع على التاريخ الطبَي للمريض يتم :
-إجراء الفحص العصبي (يتضمَن تقريرا تقييميا حول مستوى التوازن والتناسق عند المريض ما يعرف بالCoordination والتأكَد من قدرته على القيام بالمهام اليدويَة الإعتياديَة البسيطة .
-تغيير النَمط المعيشي والحياتي (المداومة على التغذية الصحيَة ، ترك الخمول و وممارسة الرياضة المناسبة لسن المريض ).
-المداومة على جلسات العلاج الطَبيعي (العلاج الفيزيائي ) التي تساعد المريض على إستعادة الوظائف العضوية و الأداء الحركي للجسم كما يساعد التدليك على التَخلَص من التوتَر وتمنح المريض الهدوء والسَكينة كما يعتبر التدليك طريقة مفيدة للمرضى الذين يعانون من تيبَس العضلات النَاتج بدوره عن مرض شلل الرَعاش.
-العلاج الدَوائي من خلال تناول الأدوية الطبيَة الموصوفة من قبل الطبيب المختص والمباشر للحالة لأنَها تقضي على مشاكل المشي وتسيطر على الرجفة ونوبة الرعاش التي تصيب المريض، كما يمكن للطبيب أن يصف للمريض أدوية ترفع معدَل الدوبامين في الدَماغ، إضافة إلى مجموعة من المضادَات التي يصفها الطَبيب للمريض.
جراحة شلل الرعاش لتحفيزخلايا الدَماغ
-عندما تعلن الأدوية الطبيَة فشلها في السيطرة على الحالة يصبح الإجراء الجراحي الحلَ الأخير لعلاج المرض أو التقليل من أعراضه وتقلقاته حيث تهدف الجراحة العلاجيَة لشلل الرَعاش إلى زيادة التحفيز داخل الدماغ يقع من خلالها زرع موصل كهربائي في باطن الأجزاء الدَماغيَة المسؤولة عن الحركة الجسميَة (زراعة جهاز التنبيه الكهربائي طبيَا يسمَى بجهاز تحفيز خلايا الدماغ) غالبا ما يقع اللجوء إلى مثل هذه العمليَة عند المرضى الذين وصلوا إلى مراحل متقدَمة من المرض الذين لم يتحسَن وضعهم حتّى بعد الخضوع لجميع العلاجات الدوائيَة والطبيعيَة الممكنة وللتذكير حالات عديدة تجاوبت مع هذه العمليَة ولكن هذه النتيجة لا يمكن تعميمها فبعض الحالات لم تسجَل أية تجاوب فالدعم العائلي والإحتواء النَفسي عامل مهم لترفيع نسب النَجاح.
المشي وعلاجات التأمَل من العوامل المساعدة
وللتَخفيف من حدَة أعراض شلل الرَعاش ينصح الأطبَاءمرضى الباركنسون باليوجا (Yoga) والهرولة (المشي السَريع ) حيث يرون أنَ هذه العلاجات عوامل مساعدة وشكلا إضافيّا من أشكال الفعاليات الجسمانيّة التي تمنح الجسم الليونة، الاتّزان والصَفاء الذَهني ، هذه الفوائد أكَدتها دراسة حديث أجريت بجامعة North Western في شيكاغو عندما بيًنت أنَ رياضة المشي السريع تحسَن مستوى الحركة عند مرضى الباركنسون وتدعم توازنهم الجسمي وهي معلومة أيَدها وأكَدها أستاذ العلاج الطبيعي والعلوم الدكتور دانيال كروكس في دراسة له نشرت بالمجلَة الشَهيرة “علم الأعصاب ” حيث يرى الدكتور كروكس أنَ الهرولة تدعم النَشاط الحركي في جسم الإنسان وتحسَن مزاجه وتعزز قدرته على التَركيز والتذكَر خاصَة وأنَ مرض باركنسون يستهدف جميع هذه الوظائف ويضعفها .