هل تعلمون أنَ مجرَد النَظر إلى إشراقة يوم جديد في حدَ ذاتها نعمة لا يشعر بقيمتها إلاَ من حرم منها؟ فلا شيء يمكن أن يوازن نعمة البصر ،ولا حاسَة السَمع التي تجعلنا نرقص فرحا مع زقزقات العصافير وهل تساءلتم يوما كيف يمكن للحياة أن تكون دون القدرة على التحرَك والتنقَل بين أرجاء هذا الكون الواسع ؟كثيرة هي نعم الخالق ولكن يصعب الشَعور بها ومعرفة قيمتها إلاَ عند فقدانها أو نرى عزيزا علينا يعاني من مرض شديد أو حادث أليم يحبسه بين جدران غرفة المستشفى أو المصحَة ،ولهذا السَبب بالتَحديد آن الأوان أن نعي تماما ما تمثَله الصحَة في حياتنا فاليوم يمكنك أن ترى شاب، في العشرين شاء القدر أن يقضي بقية حياته في كرسي متحرك أو مراهقة جميلة تفقد نور بصرها وهي في ربيع العمر أو تشاهد طفلا مازال في المهد يحرم من جميع أفراد عائلته جرَاء حادث سيَارة أليم وسلسلة الصور المأساوية والأحداث الدراميَة التي نسمع عنها لا تنتهي .
فاليوم لا نطرح مشكلة تتعلق بضحايا الحروب التي تحاصر واقعنا من كل ناحية وفي كل مكان إنَما نسَلط الضَوء على آفة إجتماعيَة مستفحلة في بلادنا رغم صغر رقعتها الجغرافيَة والعمل التوعوي المتواصل للحد منها وهي حوادث الطرقات.
نسب وفيات صادمة وإعاقات بالآلاف !
تعجَ أقسام الطوارئ وغرف الجراحة العامة بالمستشفيات والمصحَات بضحايا حوادث الطرقات الذين قد ينتهي شبابهم في لحظة أو قد يحملون إعاقات مستديمة تأسرهم في دوَامة ضيَقة من العجز والحزن قد تدوم مدى الحياة، وحسب الموقع الإخباري “تورس ” يقدر العدد الجملي لجرحى حوادث الطَرقات الذين يتبعون فئة الشباب أي بين 20 و29 1001 جريحا .
ويعتبر هذا الرقم صادما خاصَة وأنَ عدد لا يستهان به منهم يصابون بإعاقات مستديمة فحسب تقرير سابق للادارة العامة للحرس يمكن أن يتجاوز عدد ضحايا حوادث المرور سنويَا 1530 قتيلا، كما يجدر الإشارة إلى أنَ االأرقام المسجَلة في تزايد مستمر .
خسائر مؤلمة وأضرار كبيرة
وحسب معلومات ثابتة عن موقع التورس والمنقولة عن أحد المسؤولين بمركز التأهيل المهني للقاصرين عن الحركة العضوية والمصابين بحوادث الحياة فإنَ ما يقارب 30% من المعوقين هم من ضحايا حوادث الطرقات ويؤكَد نفس المصدر أنَ هؤلاء المعوقين يعانون من شلل الاطراف السفليَة التي قد تصاحبها أمراض عصبيَة أبضا بسبب إصابات خطيرة بالعمود الفقري أو الدَماغ ،ومنهم من يتعرَض لتشوَه شديد بالوجه جرَاء الحروق التي قد تحدث عند وقوع التصادم وهذا ما يفسَر خضوع ضحايا الحوادث إلى جراحات التَجميل الترميميَة والتَصحيحيَة التي غالبا ما تكون مندرجة ضمن برامج إعادة الإندماج لبعث الأمل بالحياة من جديد خاصَة وأنَ هذه الفئة بالتحديد(بين 15 و30سنة ) تكون رافضة تماما للأوضاع الصحية التي قد تفرض عليها بعد الحادث أي قد يصعب عليهم تقبَل التشوَهات والإعاقات .
حملات تحسيسيَة ولكن
ورغم وجود جمعيَات وهيئات تعمل بجهد لتوعيَة الشباب بشكل خاص ورواد الطرقات السيارة بشكل عام بالأضرار التي يمكن أن تسببها حوادث الطرقات التي غالبا ما تنتج عن السرعة وغياب الفطنة والإنتباه يبقى الحل الأساسي للتخفيض من مآسي حوادث الطرقات هو توعية الأهل بضرورة المراقبة المستمرة لأبنائهم وتجنَب تزويدهم بالسيارات وهم لا يزالون في فترات التربَص وتنقصهم الخبرة والممارسة في مجال السياقة ،خاصَة وأنَ أغلب الحوادث تحدث ليلا وأن مجموعة كبيرة من ضحايا الطرقات هم من الشباب الذين يعودون من المراقص الليلية ،في حالات سكر تام إضافة إلى الإستعمال المفرط للهاتف الجوال أثناء السياقة ومع التحقيق والتدقيق في مثل هذه الحالات تبيَن أنَه وفي أغلب الأحوال تكون السيارة ملكا للأب أو الأم ،وهذه قضيَة أخرى ….