لا يزال شبح سرطان الثَدي يطارد عدد لا يستهان به من النَساء ورغم هذه الحقيقة المفزعة تبقى نسبة النَاجيات من هذا المرض مطمئنة في ظل الدَور الهام الذي تلعبه الحملات التَوعوية والعمل الجمعياتي الذي يهدف إلى توجيه مريضة السَرطان إلى طريق الأمل ومساعدتها على التَعرَف إلى أساليب مواجهة المرض بكل شجاعة وثقة، لذلك مثَلت الشَهادات الحيَة للنَاجيات من هذا المرض مصلا شافيا ونافذة أمل عريضة لمريضات سرطان الثَدي اللاتي لا يزلن في قلب المواجهة الشرسة مع هذه الآفة.
ومن رحم هذه القصص ولدت قصَة صراع السيَدة سلام وهي مريضة سرطان ثدي سابقة عاشت تجربة صعبة مع هذا المرض ولكنَها واجهته بكل عزم وأمل بل وتعاملت معه كأي مرض آخر، هذه الفكرة هي التي تسعى مختلف الهياكل العاملة في مكافحة سرطان الثَدي إلى ترسيخها في ذهن كل مريضة وهي إعتبار هذا المرض كغيره من الأمراض الأخرى أي يمكن مواجهته والقضاء عليه.
لم تتجاوز سلام ال 37 سنة عندما إكتشفت أنَها مصابة بسرطان الثَدي وهي أم لـ3 أولاد صغار يحتاجون إلى رعايتها ورغم حرصها الشديد على المتابعة الدورية من خلال الخضوع للإستشارات الطبيَة المستمرَة تمكَن هذا المرض من الإيقاع بها ، كانت تجري الفحص الشعاعي للثدي سنوياً وتلقائيَا رغم عدم وجود مؤشَرات أو أعراض تنبئ بإمكانيَة إصابتها وخلو التاريخ المرضي للعائلة من هذا المرض ولعلَ هذه النقطة بالتحديد هي التي ساهمت في دعم نجاح “سلام ” وتغلَبها على سرطان الثدي ، فالفحوصات الدورية والمراقبة المستمرَة تمكَن المرأة من التَفطَن إلى سرطان الثدي مبكرَا وهي نقطة تحدث فارق كبير في عمليَة العلاج.
تقول سلام أنَها إكتشفت بوادر مرضها عندما ضغطت طبيبة الأورام السرطانيَة على الحلمة فخرج منها سائل وبعد الخضوع لفحوصات التصوير الطبَي وتحديدا الفحص الإشعاعي تبيَن وجود ورم ممتد إلى ما تحت الإبط والغدد اللمفاويَة ، تقول سلام أنَ هذا الإكتشاف صدمها فقد كانت تظنَ أنَها مجرد فحوصات أمنيَة لا غير فكانت الحقيقة صعبة للغاية ولكنَ سلام لم ترد الإستسلام لإكتئاب المرض لأنَها كانت تدرك تماما أنَ ذلك سيزيد حالتها سوء ويضعف من نسبة نجاتها فقررت التعامل مع مرضها كأي مرض آخر ، فحتى فكرة الموت لم ترد سلام أن تضعها ضمن إحتمالاتها إلى درجة جعلتها تدمج عملية تجميل للثدي ضمن مشوارها العلاجي فكانت تقول في داخلها ” نعم سأهزمه وأعيش وسيعود ثديي كما كان بل أجمل ” .
وبعد مدَة كبر حجم ورم “سلام “مقابل عدم إستجابة جسمها إلى العلاج الكيميائي الذي كان له تأثيرا سلبيَا على مناعتها أيضا فكان جراحة الأورام هي الحل وهي إستئصال الثدي فكان لهذا الأمر تأثيرا كبيرا على نفسيتها ولكن دعم زوجها لها في هذه الفترة أضاف لها الكثير من الأمل والشجاعة .
واليوم تمكَنت سلام من التَغلَب على المرض حيث شفيت تماماً وعادت إلى حياتها الطبيعية ترعى أطفالها بكلَ حب وتفاني ولكنَ مسؤولياتها العديدة لم تمنعها من الحرص على إجراء الفحوصات الدورية اللازمة كل 6 أشهر ، وهي اليوم أقوى وأفضل بكثير لشجاعتها وعزيمتها الباسلة ، كما تعتبر سلام عائلتها وتحديدا زوجها نقطة القوَة التي إستمدت منها الطاقة الإيجابيَة لمواجهة المرض حيث كان معها في مختلف مراحلها العلاجيَة الصعبة (المختبرات والمستشفيات ، التحاليل ، العلاج الكيميائي ، الجراحة ، الترميم …) وكان يرعى الأطفال كي لا تشعر بالقلق عليهم ولا تتوتر .
ما فعله زوج سلام يجب أن يفعله كل زوج، أو أخ أو صديق لمريضات السرطان فليس سهلاً على أي امرأة أن تتقبل إصابتها بسرطان الثدي ولا يمكن لأحد تخيَل حجم المعاناة ، الخوف والألم ومختلف الأحاسيس السيئة التي تواجهها المرأة في فترة مرضها فرفقا بهن وبقلوبهنَ لأنَ الدَعم النَفسي يلغي المخاوف و الهواجس الكثيرة التي يمكن أن تتلبَس المرأة وتتملَكها في هذه المرحلة الحياتيَة الصعبة ، فالعديد من الأشخاص يجهلون وجود أدوية مجانيَة وفعَالة للغاية وهي :الحب ، الحنان ، الدعم والإهتمام فجميعها علاجات تصنع المعجزات 🙂