كثيرون منهم يعيشون في الظلام ليس حبَا في الإختفاء إنَما خوفا من نظرة المجتمع القاسية إلى عيوبهم، ورغم أنَه لا ذنب لهم في هذا الوضع البعض من الذين يحيطون بهم سواء كانوا من العائلة، الأقارب وحتَى الأصدقاء يشعرونهم بأنَهم مخلوقات غريبة، هذا إلى جانب نظرة المجتمع إليهم التي تجعلهم يكرهون الإختلاط ويعودون إلى معانقة الظلمة من جديد كلما حاولوا الخروج من سجنهم ، ورغم أنَ العيوب والتشوَهات التي تصيب الوجه والجسم متنوَعة ومتفاوتة الآثار إلاَ أنَ تأثيرها النفسي هو ذاته ولهذا السبب تجعلهم يفقدون هويَتهم فيبدؤون بالبحث عنها من خلال الخضوع لجراحات التجميل التي تحولهم إلى أشخاص لا يشبهون حقيقتهم ، فبقاء العيب أو زواله يؤثَر وبشكل مباشرعلى نفسيَة وشخصيَة المريض والإنسان بشكل عام فكيف يمكن لجراحات التَجميل أن تغيَرهويةو شخصية المريض وتحوَله إلى شخص آخر يختلف عن الذي كان قبل العمليَة ؟
وحسب مجموعة من الأطباء الأمريكيين الذين قاموا بإجراء دراسات دقيقة وعميقة حول مدى تأثير عمليات التجميل على شخصية المريض تبيَن أنَ هذا الإجراء التجميلي والترميمي يغيَر شخصية المريض (ة) تغييرا جذريَا إلى درجة تجعله يتجاهل شخصيته الحقيقيَة ليخرج شخصية أخرى تتماشى مع صورته الجديدة ووفق الدكتور فيفيان ديلر “الشَعور بالنقص وعدم الثقة يرتبط إرتباطا وثيقا بهويَة الشَخص الذاتية ” ويؤكَد الدكتور بول لورنك أنَ أغلب المرضى الذين يخضعون إلى جراحات التَجميل لا يرغبون في رؤية نفس الملامح أو الإبتسامة بعد العملية وهذا السلوك يفسَره أطبَاء الأمراض النفسية على أنَه تصرَف يكشف عن خلل سيكولوجي أحدثه هذا العيب في شخصيَة المريض وهو ما يفسَر الحالات التي نراها ونسمع عنها أحيانا عندما يرغب رجل أو امرأة في إجراء عمليَة تجميل للتشبه بالنجوم والمشاهير ، ففي أغلب الحالات يرغب المرضى في التحول إلى أشخاص آخرين ولهذا السبب نلاحظ تغييرا جذريَا على المظهر الخارجي والداخلي أيضا .
ويطلق الدكتور لورنك على هذه الحالة “العلم الأحمر ” فهؤلاء المرضى يصبحون أسرى للمثالية والصورة الممجدة للهوية الكاملة والتي يمكن أن يكون لها آثار نفسية عميقة فعندما يتخلص المريض من الشعور بالنقص في ذاته خاصة بعد الخضوع إلى جراحات تجميل الوجه يشعر بأنَ كلَ شيء قد تغيَر في داخله فحتى طريقة تعامل الأشخاص تتغير خاصَة إذا كانت نتيجة عملية التصحيح والترميم مثاليَة وناجحة مائة بالمائة.
ورغم تغيَر الوضع إلى الأفضل العديد من المرضى يجدون صعوبة في التأقلم مع الوجه أو الجسم الجديد إلى درجة تجعلهم يشعرون بعدم إنتماء هذا العضو لهم ،وهذا ما أكَده الموقع الأمريكي الشهير سليت في مقال يتناول وضعية وحالة الأشخاص الذين يخضعون لجراحات السمنة و يفقدون الكثير من الوزن في وقت قصير إضافة إلى الذين قاموا بإجراء عملية زرع قلب ،حيث تبيَن أنَه ورغم إختلاف العمليَتين إلاَ أنَ شخصيات المرضى تغيَرت تماما عن الماضي فالمريض الذي يعاني من الأمراض القلبيَة وخضع إلى عملية الزرع يأخذ بعض سمات الشخصية المانحة والمريض الذي أجرى عملية تجميلية تصحيحية أو ترميميَة أصبح يتصرف كأنه شخصا آخر أي بطريقة تتطابق مع الوجه الجديد وهو ما جعل الأطبَاء يستنتجون أن العمليات الجراحية عموما وجراحات التجميل بشكل خاص تغيرمن شخصية المريض إلى درجة قد تفقده هويَته الحقيقيَة لتمنحه هويَة أخرى مختلفة تماما عن الأولى ورغم عدم وجود أي دليل علمي ملموس على ذلك إلاَ أنَ أطبَاء علم النَفس يؤكدون وجود هذه الظاهرة من خلال مشاهداتهم الشخصية بالتعاون مع مجموعة من أطبَاء وخبراء التجميل الذين لا حظوا التغيير الجذري الذي يحدث للمرضى بعد الخضوع لجراحات التجميل الترميميَة .
ورغم أنَ الأسباب الرئيسيَة والأولى التي تدفع بالمرضى إلى إجراء عمليات التجميل الترميميَة هي الرَغبة الملحَة في التَخلَص من النظرة المشمئزة والقاسية التي تسكن عيون الآخرين إلاَ أنَ المعلومات الصادرة حول هذا الموضوع في كتاب أستاذ علم النفس بجامعة Saint Andrews ديف بيريت الذي يحمل عنوان “في وجهك ” تؤكَد أنَ تغيير المظهر الجسدي يغيَر تصور الشخص لنفسه كما يغيَر نظرة الآخر له ،فإيجاد الشكل المناسب بالنسبة للمريض ليس فقط إيجادا للصورة التي يحب أن يراه بها المجتمع إنَما هو أيضا العثور على الهويَة المفقودة التي يمكن أن تكون جسر عبور لحياةجديدةومختلفة عن العالم المظلم الذي كان يعيش فيه 🙂