مع مشاغل الحياة ومنغَصاتها قد نعجز عن النوم بهدوء لشدَة التَفكير في مشاكلنا وتعقيداتها، فيبدأ الحديث عن مشكل الأرق الذي يعرَفه أهل الإختصاص والأطبَاء على أنَه صعوبة في النَوم المريح والمتواصل لساعات طويلة ، ورغم أنَ أغلب الأشخاص الذين يعانون من هذ الإضطراب الشَائع يرونه غير خطير ومن المشاكل العادية إلاَ أنَ الواقع غير ذلك فقد يسبَب الأرق وقلَة النوم مشاكل مرضيَة وعصبيَة كثيرة إلى الإنسان وأجهزته الحيويَة والتي تؤثَر سلبا على مردوده وإنتاجيَته وحياته بشكل عام فكيف ذلك ؟
ويؤكَد أطبَاء الأمراض العصبيَة والنَفسيَة أنَ مرضى الأرق يستيقظون من النوم ويبقون غير نشطين وغير مرتاحين، وهذا ما من شأنه أن يؤثر سلبا على أدائهم الفكري والجسدي خلال اليوم فالأرق لا يطال القدرة الطاقيَة والإنتاجيَة للإنسان فقط إنَما يضرَ بالصحَة النفسيَة ويزيد من نوبات تعكَر المزاج التي قد تتحوَل إلى سلوكيات عنيفة ومباشرة سواء كانت لفظيَة أو جسديَة بسبب حاجة الأعصاب والأعضاء إلى الرَاحة والنَوم الهنيء ، حيث يشبَه أطبَاء الأمراض العصبيَة النوَم بالوقد والكهرباء الذي من شأنه أن يزوَد الجسم بالقوَة والقدرة التي تمكَنه من مواجهة مختلف المسؤوليات الحياتيَة (العمل ، تربية الأطفال ، القيام بالأمور الحياتيَة اليوميَة ، مقاومة الأمراض والتداوي منها …) فالإنسان في حاجة ماسَة إلى عدد معيَن من ساعات النوم والتي قام أهل الإختصاص بتحديدها وهي سبع ، أو ثماني ساعات من النوم كل ليلة على الأقل .
وحسب آخر الدراسات المنجزة حول الأرق تبيَن أنَ الأرق يعصف بأكثر من ثُلث البالغين الذين يعانون من الأرق المؤَقت بينما ما يقارب 10 و15 بالمائة يعيشون حالة أرق مزمن (إضطراب نوم دائم ) .
الأرق والأطفال
وقد يستهدف الأرق المواليد الجدد والصغار أيضا حيث يؤكَد خبراء طب الأطفال أنَ الأرق قد يستهدف الصغير والكبير على حد السواء وهو ما يفسَر عدم قدرة الطفل على النوم ولكن هذا النوع من الأرق يعتبر طبيعيا لأنَه يظهر بسبب الظروف والمشاكل الصحيَة المرتبطة بنمو ونظافة الطفل (عدم قدرة الطفل على النَوم بسبب البلل المتواصل أو الإلتهابات الجلدية المؤلمة التي قد تسببها له الحفَاضة) ولكن يعتبر أرق الأطفال غير خطير عموما لأنَه مؤقت وعابر يزول بزوال الأسباب .
ولكنَ الأرق الذي يعاني منه الشَخص البالغ بشكل مفرط هو الذي يثير القلق والتخوَف فماهي الأعراض التي تؤكَد إصابة المريض بالأرق؟
أعراض الأرق
- النَوم المتقطَع أي إستيقاظ الإنسان أثناء اللَيل عدَة مرَات
- عدم القدرة على النَوم لساعات طويلة
- الاستيقاظ المبكَر من النَوم
- النَوم المؤلم أي الشَعور بآلام في المفاصل والرأس أثناء النَوم
- الشَعور الدَائم بالتَعب أو النعاس خلال النهار
- العصبية السلوكيَة المفرطة
- ضعف القدرة على التَركيز وتشتت الأفكار
- كثرة السرحان والشعور بالضياع ،ما قد ينجر عنه كثرة الأخطاء والحوادث
- التَوتَر والإضطراب العصبي
- الصداع
- ظهور إضطرابات وأمراض الجهاز الهضمي
- الكسل والخمول
- الرَغبة في النوم بالنهار
أسباب الأرق
طبيَا قد يظهر الأرق لأسباب مختلفة أهمَها:
- الإكتئاب وعدم الرَغبة في الخروج إلى الحياة الإجتماعيَة
- خيبات الأمل، الصدمات النَفسيَة والمشاكل العاطفيَة
- تعاطي الأدوية القويَة التي قد تؤثر على النَوم بصفة مباشرة كالأدوية المضادة للاكتئاب، أدوية علاج أمراض القلب والشَرايين ...إلخ.
- شرب المواد الكحوليَة ، المخدرات والإفراط في تناول القهوة والشاي فجميع هذه المستهلكات مليئة بالكافيين(مادة منبَهة) ، النيكوتين والكحول ،وهي عناصر مدمَرة لجسم الإنسان
- الشيخوخة ومشاكلها المرضيَة (إنقطاع الطمث عند النساء )
- مشاكل العمل والعائلة إضافة إلى التوتر والضغوطات
- الحزن أو الحداد (الطلاق ، وفاة شخص عزيز أوفراق الأحبة )
- أسباب إجتماعيَة قاهرة كالشعور بالإحباط والفشل بسبب البطالة والفقر
- العمل الليَلي الشاق يؤدَي إلى مشكل الأرق وإضطراب السَاعة البيولوجيَة للإنسان
وفي الأخير ، يرى أطبَاء الأمراض العصبية وعلماء النفس أنَ خطورة الأرق على الإنسان تكمن خاصة في ضعف الأداء العملي والإنتاجي والدراسي أيضا إضافة إلى ضعف الجهاز المناعي اتجاه الأمراض والآفات الغريبة و الأمراض المستعصية فقلَة النَوم تزيد من خطر الإصابة بإرتفاع ضغط الدم، داء السكري وأمراض القلب والشَرايين ، لذلك فإنَ أفضل طريقة للوقاية من مشكل الأرق هي إستشار مختص لمعرفة أسباب الأرق وإتخاذ التدابير العلاجية والوقائيَة الضروريَة لمجابهة هذا المشكل فقد يصف الطبيب أدوية مهدئة ومساعدة على النوم إضافة إلى المعالجة السلوكية (Behavioral Therapy) والعلاجات الطبيعيَة أيضا .